بحث هذه المدونة الإلكترونيةSamir nageeb 85blogspot. com

.. النظاره السوداء.. بقلم.. نظير راجي الحاح

(      النظارة السوداء!   )
_______________________
حاولت أن تثنيه عن السفر، لكنه أقنعها بأن سفره هذا هو حاجة ضرورية، وذلك لكي يبني نفسه، ويكون جديرًا للتقدم من أهلها لخطبتها.
عند مكان التقائهما المعتاد، جاءت وهي تلبس نظارة سوداء استقبلها حبيبها بحرارة وحفاوة، وقال لها:_ما أجملك بهذه النظارة، رغم أنها تخفي عيونك الساحرة، وأوصاها انه يحب أن تستقبله بها يوم رجوعه من السفر. 
انتظرته طويلًا، لم تتلقى أي مكالمة أو رسالة منه، انتظرت وانتظرت، لكن دون جدوى، لقد لامها  أهلها لانتظارها له وعايروها بانه بالتأكيد نسيها!
قررت أن تتحرى عنه، بحثت طويلًا، حتى عرفت أخيرًا مكان اقامته ، فذهبت إليه على جناح السرعة، فوجدته، بكت بكاء مرًا، وهو أيضًا بكى بحرًا من الدموع.
لم تسأله عن غيابه، ولم تعاتبه او تلومه لتجاهلها، فالفراق لسانه الدموع، وحديثه الصمت وعيونه عمق البحر.
بقيت بقربه في صمت، رفعت النظارة السوداء عن عيونها التي إغرورقت بالدموع، وقذفت بالنظارة في مياه البحر الأبيض المتوسط، حيث علمت أن حبيبها، سافر مع آخرين في مركب غير شرعي باتجاه سواحل اوروبا، فغرق بالبحر
واعتبر هو وغيره من المفقودين.
تمددت على الشاطئ، ووضعت خدها على رماله...
انا ايضأ وضعت خدي على شط آخر، تعاطفًا معها وقلت:_

  حَطّيت   خدي..... على خد البحر.... 
وخَطّيت وجدي..... على مد النظر..... 
  ورديت وحدي..... على غرد الوتر.... 
  وبكيت وعدي..... في سر بلا جهر...

              يا بحر..
يا بحر.... يا زاجل الحمام...
يا بحر.... عاجل الكلام.......
بلغ حبيبها السلام..............
ومن لهيبها الغرام والهيام..

نظر البحر إلي في قهر..
وقال:_
يا إلهي...!
ألا تدري أيها اللاهي..
أنها ستجف مياهي....
من طيب أنفاسها......
وذويب إحساسها.....

انتظرت لأرى الرد....
 رأيت الصد...
البحر في إحتقان.. جزر ومد..
والموج في هيجان... إمتد واحتد.

رأيت ماء البحر وقد نزق..
بقبق وذعق وزعق..
صفْق وخفق ودفق..
دهق وشقشق وانبثق.... 

أخذ الماء... يغلي ويصلي ويخور..
ينقلب.... يضطرب..
يصطخب...
ثم يثور..

يمور..
كأنه بركان نور..
وفرن تنور..
ثم بصق البحر ضياء ونور...

الغيم.. طبق وعذق..
والنور.... إنطلق..
وأبق واندلق..
والجو... مذق... 
وكل شيء أخذ يخور..
يدور ويهور..

والصفاء بالسماء إحترق..
وصار ذرور..
والجو في فتور وصفور..
وانتشر الغسق..
والقتام والغيهب والديجور.

فلا طيب عنه عدق..
وكل شيء تبعثر بلا نسق... 
والكآبة إنتشرت على منكب العلق..

صرختُ.. وأنت يا بحر:_
ما الذي جرى يا ترى؟

قال:_
الا ترى!
بعثتُ امواجي لحبيبها محملة منها بالسلام..
لكنها ضاعت بعمق البحر يا حرام..
وخشيةً من الكلام والملام..
إنتحر الموج وانفجر.... وقتله حمل الغرام. 
___

نظير راجي الحاج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق