بحث هذه المدونة الإلكترونيةSamir nageeb 85blogspot. com

.. قلب المحبه.. بقلم.. عبده داود


قلب المحبة
6.1.2023
قسطنطين شاب ذو أخلاق عالية، يعمل في ورشة تصليح سيارات في المنطقة الصناعية. لم تكن علاقته ودية مع صاحب العمل، رغم مهارته في عمله...
جاءت صبية ذات جمال ملفت، طلبت من أحدهم في الورشة فحص سيارتها، قالت: أسمع صوتاً غريبا في السيارة لم يعجبني...
طلب صاحب المحل من قسطنطين معاينة تلك السيارة
بالفعل هناك صوت مسموع، أوقف قسطنطين السيارة، فتح غطاء المحرك اكتشف سببا بسيطا وأصلحه، وأعاد المفاتيح لتلك الآنسة وقال لها الله معك...
سألت الانسة كم اتعابك؟
قال لا شيء. لم أعمل شيئاً يستحق...
قالت مستحيل أن أقبل، عديدون عاينوا السيارة وطلبوا مني مبالغ غير قليلة، وطلبوا إبقاء السيارة في ورشاتهم يومان أو ثلاثة حتى يعاينونها...
قال ربما لم يعرفوا السبب، ربنا يسامحهم بكل الأحوال
تشكرت الشابة قسطنطين بحرارة، وذهبت بأمان الله
عاتب صاحب المحل قسطنطين وقال له، والشر في عينيه ألا تعرف كيف تستجر مالاً أجور التصليح، هل هذه شهامة منك أو تباهيا تظهر لها شطارتك الميكانيكية...
رد قسطنطين بل ذلك من أجل أن نكسب ثقة العالم بالمحل...
بعد أقل من أسبوع، عادت تلك الصبية الى الورشة، وقالت بان فرامل العربية غير متوازنة تماماً
طلب رب العمل من أحدهم الذهاب مع الانسة،
وفعلاً الفرامل فيها عطل ما...
رفعوا السيارة بالرافعة الهيدروليكية، قال الفنيون السيارة بحاجة الى علبة زيت جديدة وهذا يكلف مبلغاً غير قليل...
قال قسطنطين يا جماعة السيارة ليست بحاجة الى علبة زيت، السيارة بحاجة الى تعيير تدفق الزيت في المواسير...
قام هو بالإصلاح المطلوب، وعادت السيارة الى حالتها الطبيعية...
جن جنون صاحب الورشة، وطرد قسطنطين من العمل قائلا: أنت أحمق لا تلزمني في ورشتي...
لاحقاً، عرفت الشابة من عامل بالورشة بان
رب العمل طرد قسطنطين  بسببها...
اتصلت الفتاة بقسطنطين وقالت أنا اسمي جاكلين، الفتاة التي اصلحت لها السيارة، وعرفت عنوانك من زميل لك في الورشة...
قال قسطنطين، أنا الآن أعمل في مطعم الروشة ريثما أجد عملا آخر، كما ليس عندي عدة اصلاح.
في ظهيرة اليوم التالي، تفاجأ قسطنطين بحضور جاكلين الى ذاك المطعم...
وكم اعتذرت على ما سببت له من أذى...
وحاولت أن تعطيه مبلغاً غير قليل من المال، كونها كانت هي السبب في طرده من العمل... وهو رفض المال بإصرار 
هي استغربت هذا التصرف النبيل، وهذا ما جعلها تعاود الحضور الى ذاك المطعم، يبدو اعجبتها شهامة ذلك الشاب كما أحست بأن قلبها تتسارع نبضاته بقوة وهي تنظر إلى عينيه... وقالت بذاتها كما تقول الروايات: الحب يأتي من اللقاء الأول أو لا يأتي ابداً...
تكررت زيارة جاكلين الى المطعم، واشتدت الصداقة بينهما، وبعدها صار الحضور قبيل نهاية عمله، حتى تقله ويذهبان يحتسيان القهوة في مكان ما في المدينة...
أحس الشاب بأنه أصبح يشتاق لها وينتظر حضورها الذي بات شبه يومي وأحست الشابة بأن هذا الشاب ملأ كيانها...
تلك الأمسية قالت له: سوف أريك مكاناً أود أن أستفيد منه تجاريا وأود أم تنصحني. 
المكان رحب واسع تحت البناية السكنية خاصتهم...قالت كان هذا المكان مرآب لسيارات أخوتي، سافروا جميعا إلى أمريكا، أمي رفضت الذهاب معهم، وأنا بقيت معها لا أقدر أن أتركها وحيدة...
قالت جاكلين، ما رأيك أن نحول هذا المكان إلى محل تجاري نعمل فيه أنا وأنت سوية...
قال الشاب، يا حبذا، لكن أنا فقير معدم، لا املك نقوداً،
قالت لا تملك نقوداً لكنك تملك قلباً، وتملك ضميراً، وتملك إنسانية، قلبك تملأه المحبة، ومن يملك المحبة يملك الدنيا...
انت فقط أخبرني لماذا يصلح هذا المحل؟
أخذ قسطنطين يدور في المنطقة ويراقب...لفت نظره العدد الكبير من السيارات في تلك المنطقة، وأخيرا قال: هذا المحل، يصلح أن يكون محل مبيعات قطع تبديل خفيفة للسيارات
نبيع ونركب للزبائن ما يحتاجونه من قطع غيار...راديو، مسجلة، مرايا، مصابيح وخلافه...
في خلال شهر كانت قطع غيار السيارات تملأ المحل... وبدأت الورشة تبيع وتركب، وصار يتزايد عدد الزبائن يوما بعد يوم، بسبب النصائح الصادقة، والاسعار المدروسة التي كانا يطلبانها من الزبائن...
والحدث الأهم، بان جاكلين تعيش هي ووالدتها في تلك العمارة ذات الطوابق الثلاثة، وأم جاكلين هي التي اقنعت قسطنطين بعدما تعرفت عليه، وعرفت معدنه الطيب، وعرفت بان ابنتها تحبه، وهو يحب ابنتها بأن يتزوجا وان يسكنا معها في بنائها الواسع، قالت: اولادي لا يريدون أن يبيعوا بيوتهم، ولا حتى يؤجرونها. هي لكما الآن 
إخوة جاكلين باركوا لأختهم زواجها وأصبحوا يرسلون لها بضاعة تطلبها من امريكا مما أدى إلى تزايد عدد الزبائن. 
حتى صاحب الورشة الذي طرد قسطنطين صار يأتي خجلا ليشتري بعض قطع الغيار غير المتوفرة في السوق. جاكلين كانت ترفض أن تبيعه، لكن قسطنطين، كان يقول الله هو الذي سيحاسبه لسنا نحن من يحاسب الناس...
تزوج الشابان، وعاشا السعادة الحقيقية، اليوم صار عندهم أربعة أولاد وجاكلين تطلب المزيد، وتقول ربنا طلب منا أن نتكاثر ونملأ الأرض وأنا أريد أولادا يشبهون أباهم...
بقلم عبده داود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق