ليس أنبياء ، بل مفكرين وكتاب يا صديقي
حسن علي الحلي
اي كل شاعر لم يلتقي مع الإلهام ، اعتبار كلماته بوراً في ارض مجدية ، وهذا العطاء في نظم القصيدة جاء من سموات التنبؤ ،وان اي شاعر مجدد معاصر لتلك المرحلة يجد في نفسه ما لا يقوله من افكار، إذ كان وريث ارض خصبة تمنحه سمات الإلهام ،و متفتح على العناصر المتنوعة التي تسهل له النتاج الشعري يجب قيادةمقود "مركبته"بنفسة تنطلق إلى الفضاء الفسيح إن يعرف كيف يصل إلى المدارات ويوجه إحساسه المبدع نحو الحدث إن يبعث ببعض الكلمات خارج المدى الذي يعيش فيه ، ويلتقط بعض الصور النادرة غير الموجودة على الأرض التي لم تمر على بال احد ,حيث يكمن "هنا" الشعر الخلاق ، بل يفوق قدرة المفكر والعالم أحياناً ، وإذ كان الربْ قد أضاف إليهم إلهاما ًآخر من احاسيس التنبؤ , أصبحوا بمصاف الأنبياء والصديقين والأولياء ،او اقل درجة عباد زهاد وقساوسة نستمع إلى مايقولونه ويعلنون عنه ، ليس الذين قالوا هذه " الأشياء" الفيزيائية علماء ، أنما أنهم خارج مدى الأرض ، يتفاعلون مع الصدق كله ، ومع العقل والإحساس أكثر"عمقاً" لان أجوائهم الطبيعية تبعث على ذلك وهم في حالة طيران مستمر فوق الطبيعة يلتقطون الصورة الكاملة والكلمة المعبرة ، يحولوها إلى لحن بهيج عالي المستوى خارج فهم "اللاوعي" لان ذاتية الشاعروالمفكر المبدع هي التي انطلقت وألقت الكلمات المعبرة، وأصدق برهان على ما أقوله هو الشاعر "محمد مهدي الجواهري أديونيس، عبد الرزاق عبد الواحد، البياتي ،سعدي يوسف, نازك الملائكة، لمعية عباس عماره ، بلند الحيدري، جبران خليل جبران محمد الماغوط وحنا مينا، وغيرهم كثيراً من الشعراء ، من المحدثين الشباب ، نظموا قصائد كان الجيل الجديد يحفظ عن ظهر قلب قصائدهم ، وخاصة "الثورية" منها ، كالجواهري وخرائده بأستشهاد أخيه "جعفر" في المظاهرة الحاشدة على جسر الشهداء ومظفر النواب في(أولاد الحرام) والشاعر السوري محمد الماغوط الذي عاش في قريته بعيداًعن دمشق يرسم من تلك الطبيعة الخلاقة بعض الصور الجميلة في شعره ، يتغنى بها الشباب في ساعات الهجير الطويلة يعرجون على قصائد "امل دنقل" ولعل أجمل القصائد الغنائية القتالية ما كنا نستمع إليها إلا اثناء قيام الحرب على مصر إثناء العدوان الثلاثي يكتبها الشاعر الثوري "احمد فؤاد نجم" وكانت تحفظ قصائده لأنها كانت (أنشودة "النصر" على الحرب والعدوان أيام "عبد الناصر" كان يترنم بها جميع الشباب العربي في أقطارهم ,لقد تعلمنا من الشعراء القدامى قبل جيلنا أنهم يتخذون من " الإلهام " نقطة انطلاق فريدة لإبداعهم باستخدام (( وعيهم الذاتي )) الأكثر صفاءاً أن يمروا عن طريق (( صنعة التأمل )) الى أنجاز القصيدة من الفكرة الأولى التي يشدها الغموض أحياناً كونها اكثر تعقيداً ومعاناة انهم يرضعون المستحيل بما يمتلكون أكثر من فكرة واحدة ، ولكنها بالاحرى "غامضة" وكأن بأسهم أكثر شجاعة لأنهم أقوياء في أمتلاك لمحات فنية ولدت في أكثر من محفل شعري ولأن القصيدة التي يكتبوها لم تكن عبثية إذ تخضع لبحور وعروض غزيرة ، بالرغم من أنها كانت البداية ، ولكن بحكم الضرورة ليس مبهمة عن الهدف السامي ، وتقدموا على إيصالها كما يجب لها إن تكون ، إذ كانت قيادة الأحاسيس قد وضعت اللبنة الأولى تجاه الهدف الفاعل حيث استاثر بها آلاف الشباب لان فيها من اللمسات الطبيعية التي أخذت من عدة مواقع ، فأصبح التعبير واضح الرؤية نتيجة تعاون المخيلة مع الرغبة الجامحة باعتبار الإلهام جاء من مواقع مختلفة ، حيث رسمت المعنى الكامل للقصيدة بوجود ارض خصبة وأخرى مجدبة الأولى استعدادها للعمل بإيصال المخيلة الى الرغبة ، حيث وضع ترتيب الكلمات جاء منحة الطبيعة ، إما الفكرة جاءت من شاعر ملهم كان يسهم في انبعاث رؤية" الحياة" من واحة خضراء ، بينما الشاعر الجاد متحصن في غرفة المربعات ينتظر "المرئيات" أن تهبط من سماوات عليا ، كل هذه المشاهد كانت متزامنة مع "طاقة الوعي" وتحدث المفاجأة ، إما المعنى الثاني كان ينطلق بالإلهام الكلي , حين يضع الشاعر الشاب (( الإثارة )) فوق الطاولة يدرك أن هناك (( إيقاع متأخر )) لم يحضر بعد ، تتردد في شطب كلمة واستبدالها بأخرى أكثر جماح وتأثيراً على إطاعة الوعي للفكرة, حيث يندفع الشاعر الشاب يصفق بيديه يذرع الأرض طولاً وعرضا ًمنسجماً مع إيقاع الجملة ، يدندن بتلك الألفاظ بين شفتيه لا يعرف معانيها أحيانا ، إذ يقع تحت تأثير(( الدافع المنظم" الأتي من سماوات الوعي كنثيث قطني متناثر داخل على وعيه لم يحمل الا رموزاً وأصوات فرنجية شتى لا يفهم معانيها الا من خلال "شفرة الإلهام" الحي وسط "قطبي المخيلة والرغبة المدهشة" إن يقع أسير بينهما تارة تجذبه المخيلة وأخرى واقع تحت تأثير الرغبة المدهشة أي العوالم يتخذها "بيتا يسكن فيه" كالدائرة المستديرة أو حوار الإطراف في جلسةعشاء, بينما الكلمات تبحر كأنها أمواج البحر أن تكون ضحية المفاجأة من قبل جلاد اللاوعي الذي اوجد قواسم مشتركة من الجوع " لقلب الشاعر" إن يمنع تعاطف الكلمات آلاتية من تنبؤات مرئية سماوية تغسل جسده بالمطر بعد انطلاق ذاكرته بالوعي أن تظفر بالصبر المر تحتمي به خير من "نذل" يغدق عليك درهماً (بمنة ) أن يسكت جرأتك الشجاعة التي امتدت من ملاحم البطولة لكلكامش وانكيدو وسنحاريب الى لحظة السباق الى عرش السقوط ، من قال لك أن الشاعر والكاتب والصحفي مفلس في الحياة لا وألف لا انه يمتلك ثروات هائلة من الوعي المطلق تصل الى أعماق الكون ، وخلاصة المعنى ان الشعر والفلسفة والفيزياء وحركة السماء والأرض تنظم الحياة وفق مربعات ومثلثات ونقاط وعلامات استفهام بقوانين صارمة تمشي فوقها ملكات العسل علاج للبشر بإنجاب الأصحاء الأقوياءتاتي من خلالهن انهار الخيرات ومسرات المحبة ( العبق الحار ) لأن تلك النساء الملكات أنجبن علماء عباقرة وشعراء عظام (( كتاب ومفكرين كبار ))وحرثوا ينابيع الكلمة وصعدوا بها الى السماء , وحطوا على أعتاب القمر والمريخ ونيوتن , وانشئوا بيوت سكن فيها , ملكاً صرفاً لوعيهم الخلاق , بعيدين عن الأرض , إذ ماعادت تتسع إلا لملوك الطوائف ورؤساء جمهوريات الرعب ٠٠
للنشر ٢١،،١،،٢٠٢٢ بيت عشتار الطبعة المنقحة،، ليس أنبياء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق